المجلة | حــديث |قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ ال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة

قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودا عُودا. فَأَيّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ. وَأَيّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ. حَتّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْل الصّفَا. فَلاَ تَضُرّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ. وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادا كَالْكُوزِ مُجَخّيا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرا. إِلاّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ". رواه مسلم.
معنى الحديث أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمةٌ، وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الإسلام والقلب مثل الكوز، فإذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك. قوله صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا) هاتان الكلمتان اختلف في ضبطهما على ثلاثة أوجه: أظهرها وأشهرها عُودا عُودا . والثاني: عَوْدا عَوْدا؛ أي تعاد وتكرر شيئا بعد شيء. والثالث: عَوْذا عَوْذا؛ ومعناه سؤال الاستعاذة منها. وقوله: كالحصير أي كما ينسج الحصير عُودا عُودا. قال القاضي: وعلى هذا يترجح رواية ضم العين، وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عُودا أخذ آخر ونسجه، فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدا بعد واحد. وقوله صلى الله عليه وسلم: (فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء) معنى أشربها دخلت فيه دخولاً تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب. ومنه قوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل} أي حب العجل، ومنه قولهم: ثوب مشرب بحمرة أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها. ومعنى نكت نكتة: نقط نقطة، قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت. ومعنى أنكرها ردها، والله أعلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه) قال القاضي عياض رحمه الله: ليس تشبيهه بالصفا بيانا لبياضه، لكن لصفة أخرى؛ لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، والله أعلم.‏

المزيد